اكتشاف كوكب يتوافر فيه الماس كالتراب على الأرض
جرم في الفضاء أعلنوا عن اكتشافه قبل أيام، مع أن العثور عليه تم حقيقة قبل عام تم دراسته وتحليله وخرجوا باستنتاج يسيل اللعاب: الكوكب المكتشف يحتوي على تريليونات من قراريط الماس، لأن ترابه وصخوره، حتى وجباله، لا بد أن تكون في معظمها ترسبات من ماس خام، بل أغلى الماس ثمنا، وهو الوردي اللون.
وأطلق العلماء اسم WASP-12b على الكوكب الذي أعلنوا الأربعاء الماضي عن اكتشافه وقالوا إنهم تعرفوا إلى وجوده بمنظار “سبايتزر” التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وهو منظار يستخدم الأشعة تحت الحمراء لرصد الظواهر الفلكية وتحليلها، وذكروا أنه أغنى كوكب بالكربون يتم اكتشافه، وهو أكبر من المشتري وقريب من نجمه 40 مرة أكثر من قرب الأرض من الشمس.
ولأنه قريب إلى هذه الدرجة من الشمس، فإن سرعة دورانه هائلة إلى درجة يتم معها الدورة حولها مرة كل يوم، أي أن السنة فيه مدتها 24 ساعة، لذلك فالحياة المعروفة مستحيلة عليه، وشمسه تلسعه بلهب وبشظى لا يطاق وتجعل حرارته مرتفعة تزيد على 4200 درجة مئوية، أي أنه كالمرجل ينصهر فيه الفولاذ ويذوب إلى حمم.
كما أن قربه من شمسه يجعله أسير جاذبيتها بالكامل تقريبا، فتلتقط الشمس بجاذبيتها الكثير مما فيه من محتوياته الغازية، سارقة من مواده الكربونية كل لحظة ما يكفي لإنتاج ملايين القراريط الماسية لتضمها إلى هالتها قبل أن تصهرها بالشظى وألسنة اللهب والنار، جاعلة المشهد يبدو لمن يراه، كما في رسم تخيلي أعدته “ناسا” الأمريكية، كانجذابات من الغاز عملاقة وبيضاوية حول الكوكب الذي تؤكد الدراسة أنه لا بد أن يكون متوهجا بلون برتقالي ولامعا كما حبة ماس وردية ورئيسية في العقود والخواتم.
ويقع الكوكب في “مجموعة الأعنة” المعروفة باسم Auriga باللاتينية، وهي تجمع شهير منذ زمن بعيد لعلماء الفلك ومكون من 6 شموس مركزها الفلكي إلى اليسار من “مجموعة الصياد” المعروفة أيضا باسم الجبار، حيث يبدو نجمها الرئيسي “كابيللا” واضحا كأكبرها وأشدها لمعانا لمن يراه بالعين المجردة وقت الصفاء السماوي على الأرض.
وثبت من دراسة الكوكب أنه أغنى الكواكب المكتشفة حتى الآن بالكربون، المعروف بأنه العنصر الذي يتحول إلى ماس متى تعاملت معه حرارة عالية الدرجة، أي أنه بعكس الأرض المكون بعض جوها ومعظم قشرتها من الأوكسجين والسيلكون المتوافران في الرمال وصخور النار، لذلك فالغرافيت والماس الخام هما على ذلك الكوكب كما التراب والجبال والصخور تماما على الأرض، بحسب ما يمكن استنتاجه من الدراسة.
وأعلنت عن اكتشاف الكوكب الجديد مجموعة علماء أميركيين وبريطانيين، يقودهم نايكو مادوسودهان، وهو فلكي من جامعة برانستون بولاية نيوجيرسي الأمريكية وناشط فلكيا مع “معهد ماساشوستس التكنولوجي” الشهير، والذي درس الكوكب مع زملائه ممن كتب ثلاثة منهم تقريرا في مجلة “ناتشر” العلمية لهذا الشهر، وقالوا فيه ان WASP-12b غني بغاز الميثان وبالكربون “ولا بد أن الماس والغرافيت متوافران فيه بكثرة ويسيطران على جغرافيته وجوه وطبيعته” وفق ما ذكر أحد محرري التقرير، وهو البروفسور البريطاني كويل هيللير.
وهذا الكون الفسيح المعقد “متنوع وجميل وغني أكثر مما يمكن تصوره” بحسب ما ورد في الدراسة، ففي 2004 مثلا تم العثور فيه على أول “ماسة” عملاقة بحجم الأرض تقريبا، إلا أنها لم تكن كوكبا بل نجما من الماس بالكامل، واكتشفه علماء فلك أمريكيون من “جامعة إيوا” في منتصف 2008 وقالوا إنه أول نجم مكون تماما من ماس صلب، لا من مواد انصهرت إلى غازات مشتعلة كما هي الشموس عادة.
وقالوا إن النجم الماسي “قريب” نسبيا، ويقع في مجرة درب التبانة بعيدا 17 سنة ضوئية عن الأرض، وأنه يتكون بكامله من الكربون والأكسيجين المتبلور، لذلك ظهر لهم في صور التقطها منظار هابل على شكل ماسة كبيرة خضراء مائلة إلى الزرقة وهو يلمع في الفضاء البعيد كما الدرة تماما.
وكان العلماء يتساءلون طوال نصف قرن عما إذا كان الماس يمكن أن يتكوّن في ظروف غير طبيعية لنجم عندما يكون في مرحلة يسمونها “القزم الأبيض” حيث يكون النجم بالغ الكثافة وثقيل جدا وفقد وقوده النووي مع استمرار فضلاته المتبقية من الكربون والأوكسجين بالاحتراق البطيء، ولكن من دون أي نار ولا لهب، وبحرارة تبلغ 12 ألف درجة.
وذكروا أيضا أن الجاذبية الكبيرة لهذا القزم الأبيض تولد ضغطا هائلا على كتلتها فيتبلور معه الكربون في درجات الحرارة المرتفعة أيضا بحيث يصبح كتلة ماسية عملاقة تساوي حجم الأرض بعشرات التريليونات من القراريط.
وأطلق العلماء اسم “لوسي” على النجم الماسي، وقالوا إنه الجزء الداخلي لنجم قديم كان في الماضي لامعا كشمسنا تماما، لكن وقوده تلاشى وتضاءل، إلا أن اكتشافه أعطى علماء الفلك دليلا على أن قلوب النجوم هي كقلوب أحجار الكربون على الأرض: ماسات متبلورة.
ويستبعد العلماء وجود كواكب من ذهب أو فضة أو بلاتين، استنادا إلى اكتشافهم للكوكب الماسي قبل عام أو للشمس الماسية قبل 6 سنوات، لأن ظروف وجود وتكوّن هذه المعادن يختلف عن الحالة التي يتكون فيها الكربون ويتبلور بالحرارة المرتفعة وغيرها إلى ماس.
اجعل مدونتك افضل مدونة مع التصاميم المجانية و الاضافات الجديدة و الدعم الفني المجاني فقط على منتديات اتقان بلوجر
0 التعليقات:
إرسال تعليق